قالت مصادر مطلعة على مجرى المفاوضات بين "حماس" وإسرائيل إن هناك حالة من الإحباط لدى كلٍّ من مصر وقطر، وهما الوسيطان الرئيسيان في المفاوضات الجارية بين الجانبين، بسبب بطء استكمال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وسط تراشقٍ للاتهامات بين إسرائيل وحماس حول مسؤولية تأخر إتمام هذه المرحلة، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الأميركية لضمان تنفيذ بنود الصفقة ضمن الإطار الزمني المحدد.
ونقلت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ"أخبار الشرق" أن القاهرة والدوحة عبّرتا خلال اجتماعات مغلقة عن "إحباط متزايد" من تأخر الحركة في إنجاز ما يُعرف بـ"المرحلة أ"، والمتعلقة بتسليم رفات عدد من المحتجزين الإسرائيليين في غزة، معتبرتين أن هذا التباطؤ "يُحرج الوسطاء أمام واشنطن" التي تتابع تنفيذ الاتفاق عن قرب.
وقال مسؤول مصري رفيع إن "حماس تُخاطر بتقويض الثقة الدولية وبإفشال العملية برمتها"، مشيراً إلى أن الجانبين المصري والقطري "قدّما للحركة تسهيلات لوجستية واسعة لتسريع العملية، لكن الاستجابة ما تزال محدودة".
ووفقاً لمصدر دبلوماسي عربي، قدّمت إسرائيل عبر الوسطاء إحداثيات دقيقة للمواقع التي يُعتقد أن جثامين الرهائن مدفونة فيها، غير أن حماس أبلغت الوسطاء بأنها تواجه "صعوبات ميدانية ولوجستية" في الوصول إليها، خصوصاً في المناطق التي شهدت دماراً واسعاً.
وفي ردها على الانتقادات، قالت مصادر قريبة من حماس إن الحركة "تعمل بأقصى ما يمكنها في ظل الظروف الميدانية الصعبة"، مشيرة إلى أن العديد من المناطق التي يُعتقد وجود الجثامين فيها "ما تزال مدمَّرة وتحتاج إلى معدات خاصة وأطقم هندسية للوصول إليها"، مضيفة أن الحركة "لم تتوقف عن التعاون مع الوسطاء، وأن أي تأخير لا يعود إلى أسباب سياسية بل ميدانية بحتة".
وبموجب الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر، كان من المقرر أن تشمل المرحلة الأولى تسليم رفات 28 شخصاً يُعتقد أنهم قُتلوا خلال الهجوم أو توفوا في الأسر، من بينهم جندي إسرائيلي مفقود منذ عام 2014.
 إلا أن حماس سلّمت حتى الآن رفات 17 منهم فقط، مؤكدة أن البحث عن البقية يواجه عراقيل كبيرة بسبب الدمار الواسع ونقص المعدات اللازمة في القطاع.
من جانبها، نقلت القناة الإسرائيلية 12 عن مسؤول في تل أبيب قوله إن إسرائيل "لا تصدّق ادعاء حماس بعدم قدرتها على العثور على الرفات"، مشدداً على أن "هناك عدداً من الرهائن يمكنها إعادته فوراً".
وفي الوقت نفسه، أكّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده ستستأنف القتال إذا لم تُنفذ حماس التزاماتها، محذراً من أن "التباطؤ في إعادة الجثامين مسألة بالغة الخطورة".
وبحسب دبلوماسيين مشاركين في المشاورات، تسعى مصر وقطر لتفادي انهيار الاتفاق في مراحله الأولى، خصوصاً في ظل توتر ميداني متجدد واحتمال استئناف العمليات العسكرية في غزة إذا فشلت الجهود الراهنة.
وقال أحد الوسطاء لـ"أخبار الشرق": "المطلوب الآن هو تحرك فوري من حماس لتجنب انهيار الثقة الدولية واستمرار الهدنة الهشة"، مضيفاً أن المرحلة المقبلة من الاتفاق تشمل ملفات أكثر تعقيداً، أبرزها إعادة الإعمار وترتيبات الحكم في القطاع.
ويرى محلل سياسي فلسطيني أن الوضع في غزة "يتطلب تسريع تنفيذ مراحل الاتفاق للوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار، التي تُعد أولوية قصوى لدى الوسطاء"، معتبراً أن تزايد الاستياء المصري والقطري من سلوك حماس يشكّل اختباراً لنجاعة الدور العربي في إدارة الأزمة، لا سيما في ظل تراجع الحضور الإقليمي للوساطات التقليدية أمام النفوذ الأميركي المباشر الداعم لتل أبيب.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل الهدنة رهناً بقدرة الوسطاء على تجاوز الخلافات بين الأطراف، في وقتٍ تُقدَّر فيه الكلفة الإجمالية للحرب على غزة بأكثر من 20 مليار دولار بين خسائر بشرية ومادية، ودمارٍ واسع في البنية التحتية والمرافق الحيوية، ما يجعل إعادة الإعمار تحدياً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق في تاريخ القطاع.
            
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        
                                        


